رغم ما يُنسب للدسوقي من أقوال تظهر خشيته على أتباعه من الأتباع الكاذبين ومروجي الأساطير،
إلا أنه ينسب له كثيرٌ من أتباعه العديد من الكرامات، وقد قال الدسوقي في هذا الصدد:

إبراهيم الدسوقي خواص الخواص جعلوا زواياهم قلوبهم، ولبسوا تقواهم، وخوفهم من ربهم ومولاهم، قد رفضوا الكرامات ولم يرضوا بها وخرجوا عنها لعلمهم أنها من ثمرة أعمالهم، فلم يطيروا في الهواء، ولم يمشوا على ماء، ولم يُسَخّر لهم الهواء، ولم تُبصبص لهم الأسود، ولم يضربوا بالأرض فيتفجر الماء، ولا لاَمسوا مجذوماً ولا أبرص فبرئ ولا غير ذلك، فخرجوا من الدنيا وأجورهم موفورة كاملة رضي الله عنهم أجمعين.
إبراهيم الدسوقي
ومن الكرامات المنسوبة للدسوقي أن تمساح النيل -وكان مُنتشراً في نهر النيل بمصر في ذلك الوقت- قد خطف صبياً من على شاطئ دسوق، فأتت أمه مذعورة إلى الدسوقي تستنجد به، فأرسل نقيبه فنادى بشاطئ النيل: «معشر التماسيح، من ابتلع صبياً فليطلع به»، فطلع ومشي معه إلى الشيخ -الدسوقي-، فأمره أن يلفظ الصبي فلفظه حياً في وجود الناس،
وقال للتمساح: مت؛ فمات حينها.

وفي كرامة أخرى نسبت إليه، ذُكِر توجه أحد تلامذته إلى الإسكندرية لقضاء شيء من السوق لشيخه، فتشاجر أحد التجار مع الرجل، فاشتكاه التاجر إلى قاضي المدينة، وكان هذا القاضي ظالماً يكره الأولياء حسب الرواية، ولما علم أن خصم البائع من أتباع إبراهيم الدسوقي أمر بحبسه وإهانته،
فأرسل التابع إلى الشيخ يستغيث به من ظلم القاضي، فكتب الشيخ الدسوقي رقعة وأعطاها لرجل من أتباعه، وأمره بتسليمها للقاضي، وكانت تتضمن هذه الأبيات:
سهام الليل صـائبة المرامي إذا وتـرت بأوتار الخشوع
يفـوقها إلى المرمى رجـــال يطيلون السجود مع الركوع
بألســنـة تهـمـهـم في دعــاء وأجفان تفيـض من الدمــوع
إذا أوتـرن ثم رمـين سـهــماً فما يغني التحصـن بالدروع
فلما وصلت الرقعة إلى القاضي، جمع أصحابه وأخذ يستهزئ بحامل الورقة وبما فيها، حتى وصل به الحال إلى سب الشيخ، ثم أخذ يقرأ الورقة على أصحابه، فلما قرأها قضى نحبه إذ شهق فمات.
وفي رواية أخرى، عندما وصل إلى قول الشيخ «إذا أوترن ثم رمين سهماً»، خرج سهم من الورقة فدخل في صدره وخرج من ظهره فوقع ميتاً.
ورويت له كرامة أخرى نسبت له، أنه سافر مرة إلى دمنهور الوحش،
فمر ببئر فطلب منها ماء ليشرب، فقيل له إن ماءها مالح. فتفل فيها فتحولت لمياه عذبة من وقتها، فقال:
إذا وردوا الأطلال تاهت بهم عجباً وإن لمسوا عوداً زهـا غصنه رطبا
وإن وطئوا يوماً علي ظهر صخـرة لأنبتت الصمـاء من وطئـهم عشبا
وإن وردوا البحر الأجاج شواربا لأصبح ماء البحر من ريقهم عذبا
ومن خرق العوائد للدسوقي أيضاً أنه جاء سبعة من القضاة إلى مدينة دسوق لكي يمتحنوه. فلما وصل مركبهم إلى شاطئ المدينة أرسل النقيب لهم، فدفعهم فوجدوا أنفسهم خلف جبل قاف. فأقاموا سنة يأكلون حشيش الأرض حتى تغيرت أجسادهم، وأصبحت ثيابهم قديمة، ثم تذكروا ما وقعوا فيه، فتابوا هناك. فأرسل الدسوقي لهم النقيب فدفعهم فوجدوا أنفسهم على ساحل دسوق، ومسحت من قلوبهم أسئلتهم. فسألهم الدسوقي عن المسائل التي كانوا سيمتحنونه فيها، فضحكوا وقالوا: «يكفينا ما رأيناه!». فأخذوا عليه العهد، وصاروا من تلامذته حتى ماتوا
كذلك نُسب له بأنه كان يُحدِّث كل أصحاب لغة بلغتهم، وأن الأسماك في النيل تذكر معه بالاسم الذي يذكر به الدسوقي.
آراء حول كراماته

يصف بعض الصوفية وباقي المسلمين من أهل السنة معظم هذه الكرامات بأنها افتراء من أتباع الدسوقي على شيخهم، لأن دعوة الدسوقي وغيره من الذين أسسوا طرقاً صوفية كانت مثل دعوة المسلمين جميعاً، وهي الدعوة إلى التوبة والاستغفار والهداية والاقتداء بالقرآن والسنة النبوية.
وفي ذلك يقول الدسوقي محذراً أتباعه:
إبراهيم الدسوقي … وإنما آمركم بما أمركم به ربكم، وإن نقضتم العهد فإنما هو عهد الله لا عهدي.
إبراهيم الدسوقي
لذلك فإن أولياء الله -ومنهم الدسوقي- لا يتميزون بشيء عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، كذلك الولي ليس معصوماً من الخطأ،
والكرامات لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى
كما قال القرآن: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .
لكن ليس لأحد أن يملك أن يتصرف في الملكوت، ولا في الكون، ولا في السماوات ولا في الأرض، فليس لهم التصرف إلا فيما شرع الله، وبما أباح الله لهم، ولا يعلمون الغيب.
فمن كانت خوارقه لا تحصل بالاقتداء بالقرآن والسنة النبوية والذِكر وقيام الليل، فهي خوارق لأعداء الإسلام وليسوا بمسلمين.
شهيرة النجار